السبت، 12 يناير 2013

آفة الآراء الأحادية


إن التشبت بالرأي الأحادي لدى أي كان يعد مظهرا من مظاهر الأمراض النفسية ، والتي أصابت العديد من الحركيين كـ :  الإعجاب بالذات والهنجعية والتكبر والأنانية ..و.. 
وللحد الذي صار فيه كل منا يفرض آراءه كأوامر لاتناقش ..
 مما أدخل عملنا الحركي كهوف التموقفات الحاقدة منذ انطلاقاته الأولى وكل يدعي أن اجتهاده هو الأصوب ، ولامجال في بديله للحوار ، فصار المسؤول يحتقر المعارض ، والمعارض يفسق المسؤول .. 
وكل يصف الآخر بالقصور وضيق الأفق ، وبعدم الإلمام العلمي بالواقع ، وبالجهل بكل جوانب المشكل .. 
في الوقت الذي لايحق لأي كان فرض رأيه ، لأن الرأي في الإسلام رأي جماعي وإلا نكون قد هدمنا أهم أسس بل وإسم : الحكم بما أنزل الله : والذي هو : الشورى، مصداقا لقوله تعالى : وأمرهم شورى بينهم . الشورى 38 .
فالإجتهاد في الإسلام يلزم المجتهد أن يراعي الرأي الآخر، وخصوصا الرأي المعارض حتى أننا نجد بعض أفاضل المجتهدين في فقهنا الإسلامي لايختمون بحوثهم قبل تصورات عديدة للآراء المعارضة حتى أننا كثيرا ما نقرأ جملا لهم كقول : ونرد على من يخالفنا ويقول كذا.. بكذا....
............................................ 
فمن الآفات الخطيرة التي ابتلي بها عصرنا الحديث إسلاميا أحادية الزعامة هاته : 
حيث ينتقد المفكر النظام القائم بمجموعة قناعات ، وعوض أن يشير بها كنصائح على النظام ، أو يناقشها كوصايا مع المختصين، نراه ينزل بها كشعارات سياسية للقاعدة ، فيركز على الأميين والطبقات الكادحة ، وعلى كل المتحمسين للأفكار الثورية ..
 فيشحنهم في قالبه كأتباع سذج محرما كل ما دونه من حركات ، ليكثر سواده ويفرض حزبه على النظام ، بعد أن صار كل همه التحكم والتسلط ، ولو بضيق أفق ..
فتسوقه مسيرته التسلقية هاته إلى التأقلم مع النظام نفسه ، متنكرا لجل مبادئه الأولى ، بل ولكل برامجه ومشاريعه ، حتى يضمن إستمراره ووجوده كما حال كل أحزابنا اليوم  . 
السلم الذي ارتقته وللأسف الأحزاب العلمانية ثم الإسلامية وهي تصل للسلطة ..
والطامة أنه ما أن وصل العديد من الإسلامويين إلى مركز القرار حتى وجدوا أنفسهم غرقى في مواضيع لايسعها علمهم ، وتحتاج إلى خبراء ومختصين وفقهاء سياسة ، ولمستوى جد راق علميا ، ولوعي جد واسع وكبير كذلك ..
وكل هذا آسفنا ولا يزال يأسفنا ومعظم أحزابنا مبنية على المواقف والشعارات - دون رِؤيا حضارية شاملة كما هي المذاهب الكبرى : الليبرالية والإشتراكية وغيرهما ، مما جعلها أحزاب تكثلات لا غير ، بل ولاطائل من وراءها ، وخصوصا وأنها بإسم المذهبية الإسلامية التي يدعو العمل داخلها إلى العديد من الصفات العالية ، لأنها مقدسة وبإسم الرب سبحانه وتعالى :
 وإخلاص النية وعمق الإجتهاد وحكمة المنهاج فيها واجبة ،  وخصوصا وأنها محاربة من العديد من المعسكرات والمنابر والمؤسسات ، وفي شتى المجالات ، وبميزانيات فوق الخيال .. 
فلا مكان إذن في الإجتهاد الإسلامي الحق للتسلق ولا للأحادية المنغلقة ، ولا للحزبية الضيقة ، وكلا يؤخذ من رأيه ويرد إلا الرسول صلوات الله عليه ..
 وأصاب من قال : رأيي صواب ويحتمل الخطأ ، ورأيك خاطئ ويحتمل الصواب .
لكننا سقطنا وللأسف في كل سيئات قوله تعالى : كل حزب بما لديهم فرحون . الروم 32
 مما يدعونا للتوبة من كل هاته الكبائر الإجتماعية والسياسية ، والرجوع لمبادئ شورانا السميكة التي أول من يقودها أولوا الحل والعقد والمختصون ، لا من هب ودب ، والتي يعد الحوار الفقهي والعلمي من  أول شروطها  ..
 الحوار الذي من أهم آدابه :
ــ حسن الإستماع 
ـ حسن الفهم 
ـ حسن الرد والتعبير 
ـ توسيع موضوع الحوار 
ـ تضييق نقط الخلاف 
ــ الختام بتوافق عملي إن أمكن ..
وبهدا نكون قد وفرنا أول أسس التوافق، والذي لن يكتمل إلا بربطه باختصاصاته وعلومه بعد التأكد إسلاميا من تعانقه والقرآن الكريم وكذا السنة الشريفة ..
 الأمر الذي يولج الإجتهاد الإسلامي في أي مجال ..
بل ويجعل من الإسلام وحده البديل المستقبلي الشامل ..
 فليس هناك موضوع لا رأي للفهم الإسلامي فيه إما بتجويز أو تحليل أو تحريم أو تفنيد أو إضافة ..أو..
لكن ورغم غزارة وشساعة العلوم والفقهيات الإسلامية هاته ، فإن رأي الفقيه غير كاف في الكثير من المواضيع ، وغير حاسم لوحده في العديد من المجالات...:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق